Facebook
Instagram
Twitter
Youtube
Sound cloud

مع هبوب نسيم الفجر البارد، كانت هنادي الحلواني تمشي في ازقة القدس العتيقة متجهة الى المسجد الأقصى. بعد ابعاد دام ستة أشهر، صعدت هنادي درجات المسجد الاقصى والبسمة تعلو وجهها وقد تجلت القبة الذهبية امام ناظريها. فقد كان للصلاة واطعام الطيور لذة خاصة بعد الابعاد الطويل. همت هنادي بالخروج من المسجد ولم تلبث حتى تم ايقافها واعتقالها تعسفيا وتسليمها قرارا اخرا بالابعاد. فهل يسلم المتعبد من بطش الاحتلال؟


يقصد بـ"الإبعاد" عن المسجد الأقصى منع مصلين محددين من دخول المسجد لفترة محددة قد تكون اسبوعا وقد تمتد لسنوات كما حدث مع الشيخ رائد صلاح الذي تم ابعاده لمدة ١٥ عاما. من أهم اسباب الابعاد هو محاربة الهوية المقدسية وطمسها، وتكميم أفواه النشطاء لإنهاء وجود تلك الشخصيات القيادية بكافة الوسائل والطرق، بالإضافة الى فرض واقع جديد وهو وجود يهودي في ساحات المسجد الأقصى، تمهيدًا لتقسيم المسجد؛ على غرار الحرم الإبراهيمي.


تعتبر القدس حسب القانون الدولي مدينةَ تحت الاحتلال لا يجوز للسلطات المحتلة إبعاد المقدسيين عن مكان سكنهم، ولا يجوز فصلهم عن أسرهم وأبنائهم تحت أيّ ظرف من الظروف، ومع ذلك أصدرت سلطات الاحتلال أكثر من 365 قرار إبعاد سلمت للفلسطينيين بينها 257 قرار عن الأقصى في عام 2021 و 375 قرار إبعاد خلال عام 2020، منهم 315 أبعدوا عن المسجد الأقصى.


اتخذ الاحتلال العديد من الاساليب و الإجراءات الظالمة والعنصرية، هدفها إثارة الخوف في قلوب المحررين والنشطاء، وتفريغ القدس من أبنائها، تمثلت بالإبعاد ومنع التواصل، ومصادرة الأموال، وأيضًا الاعتقال، وقطع التأمين الصحي، وسحب الهويات والاقامات، وضرائب لا تنتهي.

 

تزداد عمليات الاعتقال والإبعاد عن الأقصى والبلدة القديمة في مواسم الاعياد اليهودية بحجة اثارة اعمال الشغب، اما أعمال الشغب التي يتحدثون عنها هي في التصدي للمستوطنين، الذين يتخذون تاريخا مزيفا حجة لهم، ورغم قرارات الابعاد المجحفة بحق المقدسيين فإنها لن تثنيهم عن الدفاع عن القدس والرباط في المسجد الأقصى، ونصرة قضيتهما، والتصدي لانتهاكات الاحتلال وإجراءاته بحق المدينة. 


لا يمكن فصل سياسة الإبعاد هذه عما سبقها من سياسة تهويد وحصار وعزل القدس، والاعتداء على المسجد الأقصى، والمقدسات المسيحية والإسلامية، لان معركة الفلسطيني هي معركة وجود بالأساس، وأن المواجهة تكون بالإصرار على الثبات والصمود، وعدم الرضوخ لسياسات الاحتلال القمعية، والاستمرار بالمقاومة بجميع اشكالها. فكيف يسلم المتعبد ان كانت عبادته مقاومة؟!

© 2024 جميع الحقوق محفوظة: العهد الطلابي - الجامعات الاردنية