Facebook
Instagram
Twitter
Youtube
Sound cloud

*ما بين الحاضر وأمس فعل الجَميل* 

جميل العموري صنيع الظروف، شاب عشريني ترعرع في بيئة نضالية لا تفهم سوى لغة الحراب والشهادة، نشأ جميل في المخيم كأي طفل بوسط جو عائلي، أهل وجيران ورفاق، كان يتمتع بشخصية فولاذية ومحبوبة لحدٍ كبير من جميع سكان المخيم.

ولد عام ١٩٩٦ في مخيم جنين لعائلة مقاومة وعمٌ منفي في سجون الاحتلال بحكمٌ مؤبد، فكان أول ما شهدت عليه طفولته انتفاضة الأقصى ومعركة جنين ٢٠٠٢ مما تشكل في داخله فكرة المقاومة منذ الصغر ووعيه على الجهاد، فكان بين طفولته وعمر الشباب أعوام فاصلة تجدد فكرة الاشتباك بالحجارة والمولتوف وصولًا إلى إحياء البندقية في زقاق المخيم. 

عاش جميل حياته في المخيم، درس في مدارسه، ولأجل إعالة عائلته عمل كسائق على مركبة خاصة ومن خلالها سعى لتوفير ثمن سلاحه، لم يكن الهدف البدائي من شراء السلاح مقاومة احتلال بقدر إنها هواية اليافعين في جنين ومخيمها. 

كسائر أبناء المخيم حمل على عاتقه وحدة الساحات ورفض التفرقة وعمل على إنتاج فكرة ولّادة سلك بها طريق المقاومة والاشتباك، ولأن أبناء جنين كالصّف الواحد في وجه الاحتلال بدأ جميل العموري أولى أعماله إطلاق النار في الهواء أثناء اقتحام قوات الاحتلال لمخيم جنين وفي عام ٢٠٢٠، صد وعرقل حركة جنود الاحتلال حيث اشتبك جميل مع قوات الاحتلال عندما حاولت هدم منزل الأسير أحمد قنبع، وهنا بدأت نقطة التحول الأساسية في حياة جميل العموري..

بعد أن استدعته قوات الاحتلال لتحقيق وتخلفه عنه وصلت هذه الأحداث لعمه شادي العموري القابع في سجون الاحتلال، فأخبر جميل "إذ أردت العيش أو الموت فعليك أن تموت وتعيش خارج سجون الاحتلال"، هذه الكلمات زادت من حرص العموري على أن يبقى خارج السجن، ولا يسمح لهم باعتقاله.

في عام ٢٠٢١ تفجر عهد الثوار أثناء معركة سيف القدس، وصنع عهد جديد في جنين والضفة الغربية ككل بفعل الجميل، حيث استطاع أن يخلق حالة جديدة في مخيم جنين تتخطى الفصائل وتقسيماته. 

انطلق جميل العموري وألقى كلمة مصورة خلال معركة سيف القدس، وقال فيها: "شبابنا الذين تحملون السلاح في الضفة، لا تطلقون رصاصكم في الهواء، إن هذا السلاح أمانة في أعناقكم، وواجب ديني وشرعي يجب أن يتوجه لمقاومة الاحتلال"، كما يقول أحد مقاومي الكتيبة "كان وحده، كان يقول للشباب بالله عليكم أطلقوا النار"، كان جميل وحيدًا بكل ما تعنيه الكلمة. 

التف حوله حينها عدد قليل من الشبان وبدأ بتشكيل خلايا عسكرية بأربعة مقاتلين وأطلق عليها اسم "كتيبة جنين"، ومن ثم توسعت لثمانية مقاتلين، حتى باتت اليوم كتيبة تحرس المخيم وتطارد الاحتلال. 

يذكر أنه باع مركبته وممتلكاته الخاصة التي يعمل بها لكي يشتري البارودة لنفسه ورصاص وأسلحة يوزعها على الشبان دون التمييز بين الفصائل، فكان الممول الوحيد لهم آنذاك، وأثناء مطاردته كان ينام أحيانًا في السيارة أو في أزقة المخيم. 

هذه الركائز الأساسية التي جعلت من جميل العموري مطاردًا من جنود الاحتلال لثلاث سنوات دون أن يعرفه أحد إلا قوات الشباب في المخيم، ثلاث سنوات من المطاردة والاشتباك وإطلاق النار على حواجز ومعابر المخيم ومحافظة جنين. 

وفي ليلة استشهاده العاشر من يونيو ٢٠٢١ سمعت جنين أصوات التكبيرات بجانب صليات الرصاص تصدح في سماء جنين، في تلك الليلة كانت قد نصبت قوات اليمام الصهيونية لجميل العموري كمينًا محكمًا في جنين قرب مقر الاستخبارات الفلسطينية، حيث كشفت الاستخبارات الفلسطينية وجود قوى خاصة داخل المخيم تلاحق مركبة جميل العموري، فاشتبك الملازم أدهم عليوي والنقيب تيسير عيسة أبناء الأجهزة الأمنية مما سمح لجميل العموري برفقة الأسير وسام أبو زيد، إن يخرجا من السيارة ويتجهزا للاشتباك، اشتبكا إلى أن استشهد جميل واحتجز جثمانه، وارتقاء أبناء الأجهزة الأمنية عليوي وعيسة، واعتقال أبو زيد جريحًا . 

استطاع جميل العموري أن يخلق حالة الغليان في الشارع الفلسطيني، لم يكن جميل صاحب الفعل الوحيد في فلسطين، ولكن ما تركه من أفعال وأقوال جعل الكثير من الشبان يقدمون على الفعل المقاوم وتصويب السلاح نحو الاحتلال، وتحولهم من ذئاب منفردة إلى نواة منظمة ترفض كل أفكار التسوية والانقسام، توحد الصف الفلسطيني. 

لم يقتصر دوره فقط على أبناء المخيم، بل تمدد أثره في كافة المدن الفلسطينية، أعاد ثقافة الاشتباك واقتدى بهِ الشباب خير اقتداء، حيث عمل الشهيد سيف أبو لبدة على تأسيس كتيبة في مخيم نور شمس في طولكرم، وظهور المقاومين في مجموعات عرين الاسود في نابلس بعد ارتقائه بفترة قليلة.

© 2024 جميع الحقوق محفوظة: العهد الطلابي - الجامعات الاردنية